سيلفيا كاتوري

Français    English    Italiano    Español    Deutsch    عربي    русский    Português

كفى تدخلا غربيا في سورية
الولايات المتحدة.. متعهدة الإرهابيين والمحرضة على حرب في سورية

في السابق، قاد الغرب الحرب المقدسة لنشر المسيحية والحضارة. واليوم، صار الدين الجديد يسمى "حقوق الإنسان" و"الديمقراطية" أو "حماية المدنيين".

15 أيلول (سبتمبر) 2012

باسم القيم ومنافعها، لا يتراجع الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة، أمام أي مهمة قذرة: تمويل جماعات المعارضة والشبكات الإرهابية، التضليل الإعلامي، العمليات النفسية، تسليم الأسلحة وتدريب المرتزقة، أعمال التخريب وزعزعة الاستقرار، الحظر والعقوبات، الهجمات المحددة الأهداف، الهجمات العشوائية، وعند الحاجة تفجيرات واسعة النطاق.

اذا كانت سورية الآن في مرمى دولنا، فمن المؤكد أن ذلك ليس بسبب تعسف النظام مع خصومه. لقد رأينا كيف أن نخـَبنا تستطيع أن تـُظهر اللين والتساهل مع حلفائها الإقليميين، وهم ليسوا أقل عنفا، مثل نظام تل أبيب، نظام عبد الله صالح في اليمن، زين العابدين بن علي في تونس، نظام السعوديين، وآل خليفة في البحرين.

أولا، إن سورية تدفع ثمن التزامها بسيادتها الوطنية. إنها آخر دولة عربية قادرة على الوقوف في وجه تيار المحافظين الجدد الحالي، الذي يجتاح -بدعم من الغرب- دول المنطقة، لصالح "الربيع العربي".

ثم، إن سورية تعاني انتقامات بسب تحدّيها إسرائيل. فالتحالف الاستراتيجي الذي عقدته دمشق مع إيران ومنظمات المقاومة اللبنانية والفلسطينية هو جريمة خطيرة وغير قابلة للاستئناف في أعين النخب لدينا. في حالة حرب مع إسرائيل، رسميا، فإن للدولة السورية الجيشَ العربي الأخير القادر على مقاومة القوة العظمى لجيش الدفاع الإسرائيلي.

تعمل جميع مذكرات الإيثار الدبلماسية الغربية بخصوص سورية على إخفاء هاتين الحقيقتين. لإدراك التضليل الإنساني، هل من الضروري أن نذكر اعتراف هنري كيسنجر، وزير الخارجية السابق ايام الرئيس فورد، حيث قال إن "ليس للقوى العظمى مبادئ، بل مصالح فقط"؟ (راجع جورج سوروس Georges Soros, On Globalization, New York Review of Book, 2002, p. 12)؟

كنا نود أن نعتقد أن مهمة النخب لدينا هي نشر الخير. ولكننا نعتقد أننا نملك الحق في أن نشكك في نوايا وأساليب تنفيذها في سورية على يد هؤلاء الذين وعدونا بالديمقراطية في أفغانستان أو العراق أو ليبيا.

وكي لا نورد غيرها من الامثلة، فقد اختفت ليبيا من شاشاتنا بغرابة، في حين أن الميليشيات هناك تحكم بالارهاب وتقوم بتطهير عرقي وديني منهجي. إن عشرات الآلاف من السجناء السياسيين المتهمين بالولاء للنظام القديم، ومهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى، يقبعون في سجون سرية مختلفة. يتعرض هؤلاء المساجين للتعذيب بشكل يومي، ويقتلون في بعض الأحيان بلامبالاة تامة. في كل يوم يرتكب غرباء هجمات يومية، وتصفيات حسابات مع عصابات متنافسة. لقد دمرت مقابر القديسين الذين اعتبروا "زنادقة" تحت العين الساهرة لقوات "الأمن" الجديدة (راجع دي مورغن، 30 أوت-اغسطس 2012). وباختصار، ليبيا تشهد عملية "صوملة".

منذ تسعة عشر شهرا، ينشب حريق مدمر بسورية. إن القول بتغذية النار من جانب واحد متعنت ووحشي -هو النظام السوري فقط- قول غير شريف تماما، لأن هذه النار ليست بدعة ولا حصرا بسبب عوامل داخلية. في الواقع، لقد أُبقيَ على هذه النار في شكل حرب غير معلنة من قبل القوى الغربية منذ تحرير البلاد في عام 1946 من نير الاستعمار الفرنسية. وفي حرص منها على استعادة الوصاية على سورية، ساهمت هذه القوى الاستعمارية بشكل غير مباشر في عسكرة البلاد، بدعمها إنشاء وتوسيع إسرائيل (1948)، وجميع الممالك النفطية الخليجية، التي كرست طائفية الخطاب الديني على حساب العروبة التي نادت بها مصر عبد الناصر وسورية البعثية.

في أبريل 1949، ولترسيخ هيمنتها على سورية وتخفيف الضغط على اسرائيل، دعمت الولايات المتحدة انقلاب العقيد "زعيم". في عام 1957، أي قبل سورية حافظ الأسد، خطط المحور البريطاني الأمريكي لاغتيال القادة السوريين الذين اعتبرهم موالين للاتحاد السوفياتي ثلاثة (راجع . Ben Fenton, The Guardian, Macmillan backed Syria Assassination Plot, 27 septembre 2003). في ذلك الوقت، كان جميع خطط لاسقاط النظام البعثي من تدبر الاستخبارات المركزية والبريطانية (MI6): تنظيم اضطرابات، نداءات إلى التمرد، وخلق لجنة "سورية الحرة"، تسليح المعارضة، "تفعيل الإخوان المسلمين في دمشق".. والسذاجة تكون في إنكار التشابه بين هذه الحلقة من التاريخ السوري والوضع الراهن.

نعود، للحظة، إلى معالجة المعلومات المعطاة عن الأحداث الأخيرة. منذ مارس 2011، بالغ خبراء الاتصال لدينا في توصيف حجم المعارضة -مستفيدين من ارتفاع التحريض في البلاد- ومدى العنف الذي تمارسه الدولة، مع تقليل حقيقة الدعم الشعبي الذي تنعم به حكومة دمشق، والذي لم ينس سفير فرنسا في سورية، إيريك شوفاليي، أن يلوم وزيره آلان جوبي عليه. لقد أخفى صحافيو الجزيرة –القناة القطرية- عنا، عمدا، عسكرة جزء من المعارضة السورية ووجود الجماعات الإرهابية المتسللة من لبنان، مع أنه امر واقع منذ شهر أبريل-نيسان 2011.

ان الرقابة المفروضة من قبل صاحب الجزيرة، أمير قطر، على الأحداث التي تثبت المؤامرة ضد سورية، قد أجبرت هؤلاء الصحفيين إلى "الاخلال بالواجب"، من اجل استخدام مصطلح يقودنا دوما الى معنى واحد.

والاكثر من ذلك، ورغبة في إدانة دعاية الدولة السورية بشكل منظم، يبدو ان وسائل الإعلام الغربية الـ"منيستريم" إما قد ابتلعت دعاية المعارضة الراديكالية وإما قد تغذت منها، وهي الدعاية التي وصلت الى تدليس عمليات قتل الارهابيين للجنود والمدنيين، والتستر عليها، وتقديمها على انها جرائم الدكتاتورية، "كما هو الامر في جسر الشغور (جوان-يونيو 2011)، حولا (مايو 2012) ودير الزور (مايو 2012) أو داريا (أوت-أغسطس 2012). يمكننا أن نستنتج أن الغرب يقود على الاقل حربا نفسية ضد سوريا.
أليس صوابا إذن أن نعتقد أن الغرب ليس متورطا عسكريا في هذا البلد؟

في خريف العام الماضي، عندما دعت الحكومة السورية المتآمرين الى القاء السلاح، جمعت فيكتوريا نولاند، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية السورية محميّيها السوريين للعصيان. وبالموازاة مع ذلك، دفع عملاء المخابرات المركزية الامريكية ومساعدوهم الأوربيون الجنود السوريين للتحرك في صفوف جيش من المرتزقة تحت قيادة حلف شمال الاطلسي من خلال الجيش التركي. ليس من مستغربا ان مقر الجيش السوري الحر المـُقام في هاتاي يستضيف الآن الإرهابيين من جميع أنحاء العالم، من التواقين للتماسك مع الوطنيين السوريين المتهمين بـ"الخيانة" ضد العدو الشيعي".

تلقى هؤلاء الإرهابيون تدريبا عسكريا واسلحة وسيارات رباعية الدفع تعلوها رشاشات، ومانباد "(انظمة محمولة على الكتف للدفاع المضاد للطيران (واتصالات اتصال متطورة جدا.. "لقد حصلنا –بالخصوص- على صواريخ آربيجي9 من مخزونات الجيش السعودي"، هكذا انتشى احد المتمردين على أعمدة صحيفة "لوفيغارو" (28 يونيو 2012)، وأضاف انه "لقد نقلت جوا حتى مطار أضنة، حيث راقب الأمن التركي عملية التفريغ قبل معرفة لمن ستسلم هذه الصواريخ".

تفاصيل صغيرة: السلاح السعودي امريكي بالاساس، والقاعدة التركية أضنة التي ذكرها الإرهابي هي قاعدة انجرليك الأمريكية في تركية. وقد دافع الغرب طويلا عن تقديم "الوسائل القاتلة" للإرهابيين، في حين ان عملاء لجهاز الاستخبارات الاتحادي (BND) قبالة سورية قد نقلوا معلومات متعلقة بتحركات القوات السورية للاستخبارات البريطانية والأمريكية لإيصالها إلى المتمردين (راجع Bild am Sonntag, 19 août 2012).

ووفقا لصحيفة صنداي تايمز، فقد ساعدت المخابرات البريطانية، ومقرها في قبرص، أيضا المتمردين على تنفيذ هجمات عدة. ألا يرقى القيام بإخبارهم متى واين يجب عليهم اطلاق النار على القوات السورية الى المشاركة العسكرية الفعلية في الصراع؟ يبدو الغرب إذن بعيدا عن الحياد ومسكونا بالنوايا الحسنة. في هذا الوقت من التأزم والتقهقر، فقد يتباهى حتى بشن حرب منخفضة التكلفة ضحاياها من العرب فقط.

في خضم التذكير بهذه الحقائق، نشير الى ان هدفنا ليس على الاطلاق التقليل من مسؤوليات الحكومة في دمشق بخصوص قمع رهيب لحركة الاحتجاج السورية، والجرائم التي ترتكب باسم "السلام والأمن"، ودرجة فساد بعض المسؤولين في الدولة، وقسوة أجهزة مخابراتها، أو الإفلات من العقاب الذي يتمتعون به لفترة طويلة جدا. كل هذه العوامل الداخلية للمأساة السورية تساهم بجزء من الثورة الشعبية المشروعة التي بدأت في مارس 2011.

نكرر غضبنا العميق في وجه حدة العنف في الصراع السوري العنيف، ونأمل أن يتمكن الشعب السوري من الوصول إلى الديمقراطية البعيدة الاحتمال، التي يطمح إليها بشكل مشروع.

وبالتأكيد على دور الغرب في عسكرة الدولة السورية، نود قبل كل شيء تجديد هذا التحذير لأولئك الذين يعتقدون بـ"تحرير" الشعب السوري عن طريق الأسلحة خارج الشرعية/ عمل رجال إطفائنا المهووسون باضرام النار/ إن ذلك لم يؤد إلا إلى زيادة معاناة الناس، وسيزج بالإنسانية لا محالة إلى عواقبها لا يمكن لأحد اليوم توقع حجمها.

استعراضات إعلامية للوران فابيوس، الذي يدعو لقتل الرئيس السوري (قائلا انه لا يستحق أن يعيش)، واخرى لـديديي رايندرز الذي رافع في بافوس عن "واجب التدخل" في سورية، حيث كانت تصريحات ادارة اوباما العنيفة بشكل فضائحي تعجل بجر الإنسانية نحو حالة من الفوضى.
أمس، باسم احترام سيادة الشعوب والانسانية والسلام، استنكرنا غزو أفغانستان دون شعور التعاطف مع طالبان، واحتججنا ضد غزو العراق دون الدفاع عن صدام حسين. واحتججنا ضد التدخل الغربي في ساحل العاج دون أن نكون من مداح الرئيس لوران غباغبو. ونشعر بالغضب من التدخل الغربي في الحرب الأهلية الليبية، دون ان نحب الزعيم القذافي. واليوم، نحن نقف ضد العملية العسكرية الجارية في سورية دون أن نكون من أنصار الرئيس بشار الأسد.

إننا ندعو جميع الأصدقاء الحقيقيين لسورية إلى إدانة تدخل قادتنا في الشؤون الداخلية لهذا البلد، مشيرين إلى أن تدمير سورية لن يفيد سوى أعدائها الدائمين، وواعين أن مبادرات تعزيز السلام والحوار والمصالحة هي فقط ما يمكن أن يقدم بديلا مجديا وحيويا للشعب السوري.

وفي اطار إطلاق حملتنا من أجل السلام والحوار والمصالحة في سورية، ندعو للاحتجاج على التدخل العسكري الغربي في تجمع حاشد أمام السفارة الأمريكية ببروكسل يوم الثلاثاء 25 سبتمبر ابتداء من الساعة 18.

Bahar KIMYONGUR - بهار كيميونغور

ترجمة/ خالدة مختار بوريجي
لجنة مناهضة التدخل في سورية

Traduction:
خالدة مختار بوريجي

Source:
http://www.areen.info/?p=2632